
مقدمة:
من المتوقع أن يشهد عجز ميزانية الدولة التونسية تحسنًا ملحوظًا خلال العام 2025، حيث يُتوقع أن ينخفض إلى 6.3% من الناتج المحلي الإجمالي، وذلك بفضل تحسن إيرادات الميزانية وانخفاض كلفة دعم المواد الأساسية. هذا التحسن يعكس الجهود الحكومية لتعديل التوازنات المالية العمومية في وقت تواجه فيه البلاد تحديات اقتصادية متجددة.
1. أهداف الإصلاح المالي المتوسط الأجل:
تستهدف الحكومة التونسية، وفقًا لخطة الإصلاح المالي العمومي، تقليص عجز الميزانية إلى 5.5% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول السنوات المقبلة. كما تتطلع الحكومة إلى استقرار كتلة الأجور عند 13.3% من الناتج المحلي الإجمالي. هذه الأهداف تأتي في إطار سعي الحكومة لتأمين الاستدامة المالية وتحقيق التوازن في الميزانية العامة.
2. الدين العام: بين التحديات والتحسن المتوقع:
على الرغم من التحسن المرتقب في العجز، لا يزال الدين العام لتونس يمثل تحديًا كبيرًا، حيث بلغ 82.2% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024. ومع ذلك، من المتوقع أن ينخفض الدين إلى 80.5% في عام 2025 بفضل جهود الإصلاح المالي. ورغم تحسن نسب الديون، لا تزال نصف الديون العمومية تونسية خارجية، مقارنة بما كان عليه الوضع في عام 2019، حيث كانت أكثر من 70% من الديون خارجية.
3. الوضع الخارجي وتحسن الحساب الجاري:
أشار تقرير البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية إلى تحسن الوضع الخارجي لتونس، رغم بقاءه هشًا أمام الصدمات المالية. حيث انخفض عجز الحساب الجاري إلى 1.6% من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية نوفمبر 2024، مقارنة بـ 2.3% في نفس الفترة من العام السابق. ويعود هذا التحسن إلى تراجع الواردات بفضل انخفاض أسعار المواد الأساسية، وزيادة الصادرات، لا سيما في المنتجات الميكانيكية والكهربائية وزيت الزيتون.
4. احتياطات العملة الأجنبية وتغطية الواردات:
تُظهر الأرقام تحسنًا في احتياطات تونس من العملة الأجنبية، حيث استقرت عند 25 مليار دولار في نوفمبر 2024، مما يغطي حوالي 3.7 أشهر من الواردات. هذا المؤشر يعكس تحسن الاستقرار المالي ويعزز قدرة تونس على التعامل مع الضغوطات الاقتصادية المستقبلية.
5. التحديات الاقتصادية العالمية وتأثيرها على تونس:
يتناول تقرير البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية التحديات الاقتصادية العالمية، حيث يشير إلى تراجع الزخم الاقتصادي على مستوى العالم والفجوة المستمرة بين الأداء الاقتصادي لأوروبا والولايات المتحدة الأمريكية. كما يحذر التقرير من زيادة محتملة في التعريفات الجمركية من قبل الولايات المتحدة، مما قد يؤثر على الشركاء التجاريين.
6. زيادة الإيرادات وارتفاع الاقتراض الداخلي:
سجلت مداخيل الميزانية التونسية بين 2023 و2024 زيادة بنسبة 8.7%، مما يشير إلى تحسن في الإيرادات العامة. ومع ذلك، شهدت البلاد أيضًا زيادة ملحوظة في الاقتراض الداخلي، حيث ارتفعت موارد الاقتراض من 19 مليار دينار في 2023 إلى 26.7 مليار دينار في نهاية 2024، مما يعكس الاعتماد المتزايد على التمويل المحلي.
7. خدمة الدين العمومي وتوقعات المستقبل:
بحلول نهاية عام 2024، بلغت قيمة خدمة الدين العمومي حوالي 24.8 مليار دينار، في حين يُتوقع أن يصل حجم الدين العام إلى 135 مليار دينار، ما يعادل 81.2% من الناتج المحلي الإجمالي. ورغم هذه الأرقام المرتفعة، تواصل الحكومة سعيها لتحقيق استقرار مالي مستدام.
خاتمة:
تشير البيانات إلى أن تونس بصدد تحقيق تحسن في بعض مؤشرات الاقتصاد الكلي، مع توقعات بتقليص عجز الميزانية وتحسين الوضع المالي على المدى المتوسط. ورغم التحديات التي لا تزال قائمة، فإن خطط الإصلاح المالي قد تساهم في تعزيز الاستقرار الاقتصادي للبلاد وتحقيق نمو مستدام.
التلفزة التونسية